مدخل :
اشتقت لك وأي شوق ! متى أعود لي فلكم أفتقد . أنا !
هل أخبرك ؟
لازلت إلى يومنا هذا أمارس هواتي القديمة . وأعد أحجار الرصيف مجنونة هذه الهواية برغم من قدمها معي منذ زمن الطفولة .
كان يبدو لي الأمر مسلي . إلى درجة أني لأحيان كثيرة أغفل عن فكرة إلى أين أنا ذهاب .
رغم العد . كنت أتحدث معك كثيرا بكل تفصيل أمورنا . كنت أبادلك الأفكار ألومك وتوبخني . والأهم كنا نتقاسم الألم بنفس الجرعة ! نعم أفتقدك ولا أعلم مدى احتياجك لي ؟ ولكني أحتاجك وأشعر بغربة بداخلي وكأني صرخة بصحراء موحشة ! بحثت عنك كثيرا ولم أجدك بداخلي . خرجت من داخلي وذهبت أبحث عنك بين ثنايا ذكريات الأصحاب . ولم أجدك كلك ! وجدت طفل شقي عبثي فوضوي . يكسر الدنيا بأحلامه بأمانيه . ولم أجد من العلامات الفارقة ألا طفل ذو سحنة سمراء على جبينه ندبة بشكل جرح قطعي ! فتذكرت كم من الجروح بالقلب يا أنا ؟؟
أنا لا أبحث عن ذلك الطفل بي . أني أذكره تماما أخذ ماله وترك الكثير من ماله !
أذكر قبل ثلاث عشر عام تركتك هنا . وبنفس هذا المشهد ركبت ليبدأ العرض . كنت فرحا جدا كنت أقسم الأوتار على قيثارة التغيير الشخصي والزمني . كنت مسرورا لأني أنا البطل بذلك المشهد !كان هنالك شيء يغري ذكورتي كبريائي بذلك العرض . ولا أخفيك لم يكونوا بحاجة لك يا أنا حتى بلعب دور كمبارس حقير . لذلك أنا قبل ثلاث عشر عام تركتك هنا . وأقسم لك تركتك ليس على أمل أن أعود لك ولا برجاء أن تلحق بي أنت !!
فقد توهمت حينها بأني لا أحتاجك بهذه السنين القادمة !
بعد هذا كله تخيل !!
بسرعة الشهب أنتها المشهد . وبأبشع مأساة قتل بطل العرض ! ولا عزاء لي ولا لنجم شباك تذاكر العمر .
اليوم ولأني أشعر بقسوة وقع الوحدة عدت لأبحث عنك . لأني بمنتصف العمر علمت بأني أحتاجك للعمر القادم !
عدت أبحث عنك لأكفر عن خطيئتي . أنانيتي . غروري وهوسي بالاستغناء عن من كان يسكن بداخلي وهو أصدق البشر وأخبرهم بي !
وأن وجدتك وأعلم لن أجدك !! لا تسامحني لا تغفر لي !!
أتسمح لي أنت يا أنا .
نعود لتلك السنين ! نعود لتلك الهواية المجنونة ! نعد أحجار الطريق وأحكي لك عن ما كان ؟
أسمع يا أنا ..
علبت دخان وعود ثقاب بعد إشعاله . أنتظره يحترق لآخره حتي يحرق أصابعي . ويهديني بعض من انتباه !!
فنجان قهوة أعرف طعمه جيدا . وأجهل رحلته بجوفي !!
وهنا تبدأ الحكاية .
مع انبلاج كل صباح لازلت أجالس الوهم . ولأصدق القول أصبحت أعشقه أعشق كذبه عبثيته خداعه لي . ومع كل هذا أمتد الجفاف بعمري و أمنياتي . والأمل أصبح فراشة جميلة ألوان جناحيها كل ما لمستها تطاير كحل جناحيها لتصبغ يدي وتبهت ألوانها . وهي تتظاهر بالموت خشيت عبثي بها . من اشتهاء لمسي لها .
حتى تتثاءب الشمس ويضفني المساء بعباءته . أذهب أعبئه بأحلام بالية بأمنيات مسبقا شربتها الخيبة . فأجالس مسائي بحكايات يملؤها الزيف ويرويها الكذب !
أرأيت يا أنا . أحيانا نحن بحاجة ولو قليلة من الكذب كي نخرج عصا الحقيقة من عجلة الأمل ! ألم أخبرك آنفا ؟ من بداياتها كانت وهم .
وأكتب لك الحكاية وأنا أنصب خيام اللجوء على حدود لعنة الفوضى . التي عجزت عن ترتيبها . وأنت تعلم يا شخصي .
كم هي عبثية حين تحاول أن ترتب العمر وهو ناقص منه ثلاث عشر عاما . لا تكتمل هنا السلسة وكثيرا من حلقاتها مفقود .
ولا يعوض فقد سنين العمر شيء . والقنوط حين تكون متيقنا لا ولادة جديدة لك حتى تبدأ بالتصحيح .
صباحا قد قلت من الغباء أن تهدي لأحد البشر اهتماماتك . من السذاجة أن تجعله شريكك الأوحد بأحلامك بأمانيك بأملك الذي تحمله وحدك .
و في المساء أجدني أعلق عيناي بسقف غرفتي . وتضيف على وجهي الذكريات ابتسامة أشبة بيوم ثالث بوجوه المعزين !
هكذا أنا يا أنا . أذهب أثرثر لنافذتي المغلقة عن وجعي .وأخشى أن أفتحها فأجدك تقف خلفها شامتا بي . وأنا أخجل أن أجدك بهذا الموطن .
أتعلم مواضع الجمال بهذا ؟؟ هو بأنك تجهل الكثير عن ألم أحداث ما كان . هنا فقط أنت لا تناصفني الوجع ! وليس لأني أتمنى أن تكون بمنأى عن كل ذلك ! لا . لا . يا أنا لأني أنا تركتك هنا معلقا ببراءة صادقة . لم تتلوث بوحل العشق !!
أخاف أن تسخر مني . وأنا بداخلي أحمل شعب يطحنهم رحى الخيبة حكاياتهم مهزومة . تاريخهم مفقود أمرائهم أشبه بكؤوس الحانات حين تتبادلها أفواه السكارى !
يا قبحي الداخلي يا أنا شوهتني أنانيتي معك . أطعمت غيرك من عمري حتى أصيب بالتخمة .وترك لي بآنيتي الجوع وعظام الخيانة .هنا فقدتك وتذكرت معك بعض من مساءاتنا التي كنا نوقدها بشمع ضحكات من نكون !
اليوم هنا أنا ملقى كحفنة ابتسامات قديمة شفاه الناس ليست بحاجة لها !
أجمعها كل مساء لأهديها لهم بالصباح مع أول عطسة لشمس وتقبل مني بحقوق المجاملة !
ولا أخفيك الحقيقة بغيابك . حلمت لو أسرق الشمس ! حتى لا أخسر ابتساماتي كل مساء . جنون غباء وهم وجد أنه هو الفصل الأوحد بفصول سنواتي !
لا يا أنا لم أهزم بعد . وأنت تعلم بعد كل فتوحاتي بلا صوتك بداخلي غنائمي الخيبة وعرش لاشيء . هكذا هي المعارك حين تحارب وأنت معصوب الضمير !
لا يا أنا لم أخسر بعد وأنا أهدي النور لكمائني . و كل مساء أجالس الأماني ! على طاولة الوقت قدح الشاي . أذوب قلبي بالشاي مع قطعة سكر من الأمل ! أخطف نظري بالمرآة علي أكون وسيما
أنيقا كما ينبغي بحضور الأماني .
وهكذا عطر كنت أختاره بعناية من عطور أجمل أجمل أحلامي
وانثر الورد بوجه المستحيل .
أجالس ندمي وأنا بكامل أناقتي نبدأ بعد الفواتير السابقة !
وأنت تعلم يا أنا " بعض الفواتير لا يستحق الحساب " وبعضها ثمنه سنوات من العمر . هكذا مضت !!
اليوم عدت لأخبرك عن القادم الجديد . لا أريد أن أسير مرة أخرى بدونك لا زمني أجلس بمكانك القديم بين قلبي وحنجرتي أخطف سمعي بقولك حتى وأن كان جارح . قل كل مالا يعجبك بي .
مكانك لو تعلم أصبح بعد تركي لك مبعثر متسخ موبوء أجوائه غير صالح لسكنا .
أتضن القادم الجديد ستعجبه هذه الفوضى ؟؟ أو احتراما له لا أفتح الأبواب وجميع المقاعد بالداخل بمحطمه ! أيليق أن أستضيفه بكل العمر وهو واقفا بهذا المكان البشع ؟؟ أتوافقني الظن ؟
أن المكان لا يليق استقبال الضيوف الأطهار ؟؟
أتظنها تليق الجدران وهذه الصور القديمة لمن رحلوا
أتظن هذه المزهرية تليق وأزهارها جفت منذ سنين على رفوف الندم ؟
أتظن بأن المكان لا زال مأهول . وأن رحلوا أصحابة بلا عودة ؟
المكان بعدك لا يليق فعد إلي . لا أحد قادر على تنظيمه ألا أنت .
مد يدك لي أفواه الضياع تتلقفني . وماء الحيرة يغريني للغرق !
بهذا العمر روحي لم تعد قادرة ! إنها تشتهي النجاة . عد إلى لا تجعلني أغني أنشودة اليأس . كلماتها وجع وألحانها يتم وصوتها نشاز .
قد قالت الروح انها لا تطرب له .
مخرج :
أن كانت تغريك زرقة السماء . فعلم أن حكايات الحفر مؤذية أو لا مخرج منها .
هامش :
المشاعر لا تناقش ولا يقاس عليها أراء الآخرون .